العمل عن بعد بين الإيجابيات والسلبيات تعرف عليها

أصبحت مصطلحات العمل عن بعد أو العمل أونلاين أو العمل الحر من أكثر المصطلحات انتشاراً في عالم الأعمال والتكنولوجيا، وعلى الرغم من بعض الفروقات فيما يعنيه كل منهما إلى أن هذه المصطلحات تشترك في الوضوح الكبير عند نسبة كبيرة من الأفراد، فمن منا اليوم لا يعرف شبكة الإنترنت.

كذلك هو الحال بالنسبة للعمل عن بعد، حيث لم يعد الأشخاص حول العالم يجهلون ماهية العمل على الشبكة؛ ذلك نظراً للانتشار الكبير الذي حظيت به هذا الظاهرة، والتي أوجدها الانتشار الواسع لكل من الإنترنت والأجهزة الإلكترونية ، بالإضافة إلى انخفاض تكلفتهما وسهولة استخدام كل منهما.

وفيما يتعلق بنسبة انتشار هذه الظاهرة عالمياً؛ تشير إحدى الدراسات إلى أن 70% من الموظفين يعملون عن بعد مرة واحدة أسبوعياً على الأقل على مستوى العالم، وأكثر من 50% منهم يعملون عن بعد لأكثر من 3 أيام أسبوعياً.

مع العلم أن هذه النسبة ازدادت بشكل كبير خلال العامين الماضيين نتيجة لما شهده العالم من انتشار جائحة كورونا. إذ شهدنا جميعاً كيف حوّلت معظم الشركات العملاقة أنظمتها لتعمل وموظيفيها عن بعد كلياً لفترات طويلة؛ مع استمرار الأخذ بنظام الدوام أونلاين جزئياً حتى بعد انتهاء الأزمة. وعليه سنقوم في هذا المقال بالتعرف على أبرز إيجابيات وسلبيات العمل أونلاين، ونتعرض لكيفية تحسين هذه التجربة.

تعد مسألة الدقة الشديدة في تحديد أوقات الدوام واحدة من أكثر الأمور التي كانت تسبب ضغطاً كبيراً لجميع الأشخاص العاملين على مستوى العالم. إذ كان يجب على الموظفين الحضور في ساعة محددة لا يجوز لهم التأخر بعدها، وكذلك الانصراف في ساعة محددة يُمنع التحرك قبلها. والعديد من الدراسات أثبتت أن هذا الأسلوب يجعل العمل روتينياً بشكل ينعكس سلباً على نفسية الأشخاص العاملين وأدائهم.

ومن هنا كان العمل عبر الإنترنت هو الحل الأمثل الذي يتيح للأشخاص تحديد أوقات عملهم بناءً على معرفتهم بأفضل الأوقات التي ترتفع فيها إنتاجيتهم ويكونون قادرين على الإبداع والابتكار وبالتالي تقديم نتائج خلاقة.

من ناحية أخرى فإن مرونة أوقات الدوام التي أتاحتها شبكة الإنترنت؛ تفيد الأشخاص الذين يحتاجون إلى دخل إضافي ويرغبون في الجمع بين وظيفتين، أو الأشخاص الذي يجمعون بين التعليم والعمل، حيث أصبح العديد من الطلاب في العالم قادرين على الالتحاق بجامعاتهم ومتابعة دروسهم بالتزامن من الاعتماد على أنفسهم وتحقيق دخل مادي من خلال الشبكة. ويضاف إلى ذلك فئة ربات المنازل اللاتي أصبحن قادرات على الجمع بين إدارة المنزل والعمل عن بعد.

كما ذكرنا في النقطة السابقة إن واحدة من أبرز الفوائد التي حققها الأشخاص العاملون عبر الإنترنت هي زيادة الإنتاجية. ذلك نتيجة المرونة في أوقات الدوام، بالإضافة إلى اختيار الأشخاص للبيئة أو المكان الذي يعملون به، مما يساعدهم على التركيز بشكل أكبر وإحراز نتائج أفضل.

من البديهي أن القدرة على الالتحاق بوظيفة ما يحتاج إلى مصاريف أساسية تتمثل في أجرة المواصلات أو مصروف سيارتك الخاصة، ورسوم تتعلق بالاتصال والتواصل. بالإضافة إلى ما قد يحتاجه الشخص من ملابس ومصاريف الأكل والشرب.

ومن هنا فإن العمل عن بعد قدم للأشخاص بعداً توفيرياً يتمثل في تقليص مصاريف الذهاب إلى مقر الدوام؛ وبالتالي تحقيق سعة مالية عبر تقليل الأعباء عن الدخل الذي تم تحقيقه واستثماره في أمور أخرى.

واحدة من الأمور الإيجابية التي ينطوي عليها هذا النمط الجديد هي إمكانية أداء المهام في المكان الذي يرغب به الشخص ويختاره بنفسه. ففي حين يميل معظم الناس إلى العمل ضمن بيئة مكتبية؛ نجد أن البعض ترتفع لديهم القدرات الإنتاجية عند تغيير مكان العمل من فترة لأخرى. على سبيل المثال قد يزداد تركيز البعض عندما يعملون في أماكن مفتوحة مثل حديقة أو مقهى مكشوف أو على الشاطئ. ولا ننسى الفئة التي تفضل أن تعمل داخل المنزل وتشعر براحة أكبر.

أثبتت العديد من الدراسات الحديثة أن العمل عن بعد أو عبر الشبكة ساهم في زيادة إنتاجية الموظفين لدى الشركات التي تتبع هذا النظام. ذلك نتيجة المرونة الكبيرة التي يتميز بها وما يقوم عليه من تحرر من القيود التقليدية، والتي كانت في السابق سبب من أسباب ضعف الأداء لدى العاملين.

وعلى العكس قد نتج عن إتباع هذا النموذج قدرات ومبادرات إبداعية قام بها الأشخاص وكان من أسبابها مساحة الحرية المتروكة للعاملين في كيفية أداء المهام، وفي تحديد أكثر الأوقات التي يبلغ فيها التركيز والإبداع ذروته، وغيرها من عوامل أخرى تساعد على الابتكار.

استكمالاً لجميع النقاط أو الفوائد التي ذكرناها أعلاه، فإن المرونة التي يملكها العامل عن بعد في تحديد ظروف عمله تجعله مديراً لنفسه. فعلى الرغم من توفر وسائل الاتصال التي تضمن ارتباط المرؤوس برئيسه إلا أن هذا النموذج في العمل يتميز باتساع المسافة بين الطرفين، وبالتالي التقليل من الاعتماد على المدير والرجوع إليه في أصغر الأمور المتعلقة بالمهام المطلوب من الفرد تأديتها .

كما ينطبق هذا الأمر بشكل خاص على أصحاب المشاريع الحرة (الفري لانسر) الذين يعملون بشكل مستقل ولا ينتمون لأي منشأة مثل المصممين والمترجمين وغيرهم ممن يقومون بإدارة مشاريعهم وأعمالهم من الألف إلى الياء بمفردهم.

على الرغم من أن معظم الأشخاص قد يعتبرون مرونة ساعات الدوام من النواحي الإيجابية للعمل عن بعد؛ إلا أن هذه الحرية قد تتحول إلى ناحية سلبية. فقد تكون مضطراً للعمل أكثر مما لو كنت تعمل في الخارج، وستتلقى كم أكبر من الأوامر والاتصالات على مدار اليوم؛ الأمر الذي قد يؤثر على برنامجك اليومي ويوقعك في مشكلة ضغط الوقت.

نظراً لطبيعة العمل عن بعد ولكون الأشخاص الذين يعملون بهذه الطريقة غالباً ما يؤدون مهامهم بشكل فردي ومن المنزل أو بعيداً عن بيئة العمل عموماً، فإن ذلك يجعلهم أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية. بالإضافة إلى التحديات الأخرى المتعلقة بالالتزام الذاتي وغيره؛ الأمر الذي يضع الشخص تحت ضغط نفسي شديد ويعرضه للاكتئاب.

بسبب افتقار هذا النمط إلى بيئة مكتبية أو مخصصة، سيكون من السهل تعرضك للإزعاج والتشويش عند أداء مهامك الوظيفية داخل المنزل أو حتى في الأماكن العامة مثل المقاهي وغيرها. وتعد هذه المشكلة من أكبر المعوقات التي يواجهها (الفريلانسر) بشكل عام.

يعاني الأشخاص الذين يعملون عن بعد أو عبر الشبكة كالمصممين مثلاً من مشكلة تذبذب الطلبات. بمعنى أنه قد تمر على الشخص فترات يتلقى فيها عدد كبير من الطلبات ويشعر بضغط  شديد لتسليمها؛ وفي المقابل قد يبقى شهور طويلة دون أن يحصل على طلب جديد.

على الرغم من كون العمل الحر قد يزيد من دخلك ويحقق لك عائد مادي أكبر من العائد المادي الذي تحققه الوظيفة؛ إلا أنه نتيجة للمشكلة السابقة يعاني الأشخاص الذين يعملون عن بعد من مشكلة عدم ثبات أو استقرار الدخل المادي. وهذا يضعهم أمام تحدي إدارة أموالهم بحذر أكبر من أصحاب الدخل الثابت والراتب الشهري.

يتميز العمل الحر بإمكانية العمل لفترات إضافية أكبر مما لو كنت تعمل ضمن ساعات دوام محددة، ونتيجة لذلك ستضطر للجلوس واستخدام الحاسوب لفترات طويلة؛ وبالتالي ستزيد نسبة تعرضك للمخاطر الصحية الناجمة عن وضعية الجلوس الخاطئ أو قلة الحركة بشكل عام، بالإضفة إلى مشكلات الرؤية ونوبات الصداع.

  1. لتسهيل البدء في العمل الحر وعرض خدماتك استعن بمنصات ومواقع العمل عن بعد والتي تتيح لك استهداف عملائك بشكل أكثر دقة.
  2. في حال توسع أعمالك وطلباتك كون لنفسك فريقك الخاص وتعاون مع مجموعة من الأشخاص المختصين مما يخفف عليك مسألتي ضيق الوقت والإجهاد.
  3. خصص لنفسك مكاناً هادئاً داخل منزلك بعيداً عن ضجيج العائلة والأطفال، وجهزه بمساحة عمل صغيرة تلبي احتياجاتك وتمنحك بيئة ملائمة إدارياً وصحياً.
  4. لتفادي مشكلة فترات الانقطاع حاول أن تسوق لخدماتك بشكل صحيح، أو اسعتن بخبير تسويق يساعدك في الوصول إلى المزيد من العملاء. وإذا كانت ميزانيتك لا تسمح يمكنك اعتماد بعض الحلول التسويقية كالإعلانات الممولة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تمنحك خيارات تناسب ميزانيتك. بالإضافة إلى استغلال المناسبات والمواسم وتقديم العروض لعملائك مما يشجعهم على طلب خدماتك.
  5. إذا كنت تعمل عن بعد لصالح شركة ما فستحتاج إلى تنظيم وقتك بشكل أكبر، بالإضافة إلى ضرورة البقاء على اتصال دائم بمديريك وزملائك.
  6. لا ترهق نفسك في العمل الإضافي، حدد لنفسك ساعات معينة خلال اليوم لتعمل فيها والتزم بهذا الروتين يومياً. ولا تنسى أن تأخذ فترات استراحة قصيرة أثناء العمل، بالإضافة إلى تحديد يوم أو يومين إجازة في الأسبوع.
  7. لتجنب المخاطر الصحية المتعلقة بالمفاصل والعضلات مارس الرياضة. ولحماية نظرك استخدم نظارات الحماية من الضوء الأزرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share via
Copy link